التدخل المبكر مفهومه ومعناه
كانت للنسبة المتزايدة من الأطفال الذين تعرضوا للإعاقة قبل مرحلة المدرسة اكبر الأثر في ارتفاع الأصوات التي تنادي بحاجتهم إلى خدمات خاصة تسمى التربية الخاصة المبكرة أو برامج التدخل المبكر Early Intervention وهذه البرامج ما زالت قاصرة في معظم الدول العربية، ويمكنها ان تلعب دورا فعالا في حالة عدم نجاح برامج الوقاية أو تتطلب إجادة الكشف المبكر لتقديم تلك الخدمات.
ومع تعاظم الاهتمام بتطوير برامج الأطفال في السنوات الثلاث الأولى من العمر الأمر الذي دفع الكثير من مؤسسات الرعاية في العالم كله إلى إعادة النظر في برامجها المعلقة ومحاولة تعديلها للحاق بركب التقدم في مجالات أبحاث برامج مكافحة الإعاقة ساعدها في ذلك التقدم العلمي المؤهل في أساليب الكشف المبكر والوقاية من مسببات الإعاقة والتطور في مجالات الرعاية الصحية الأولية وارتفاع أعداد هؤلاء الأطفال ذوي الحالات الخاصة في الآونة الأخيرة ومع ارتفاع معدلات الفقر والعوز والحرمان والتشرد خاصة بالدول النامية المتخلفة وبالتحديد في مواقع بؤر التوتر والغليان التي تنفق معظم دخولها الوطنية رغم تدافعها في شراء السلاح واستيراد وسائل القتل السريع. وقد نجم عن هذا كله قصور في الخدمات، وقصور في وسائل الوقاية من الإعاقة خاصة غياب التحصينات ضد الأمراض المعدية وتواضع الخدمات المتقدمة للأمومة والطفولة .. وذلك عبر خدمات علاجية وتربوية صممت ببرامج تخص الأطفال في مرحلة الست سنوات الأولى من العمر يتميزون بحالات خاصة تتطلب التدخل سواء أكانوا معاقين أو متأخرين نمائيا أو معرضين لخطر الإعاقة أو التأخر (Atrisk).
هذه الخدمات تقدم إما من خلال مراكز متخصصة يعمل بها أخصائيون في مجالات مكافحة الإعاقة والتربية الخاصة مثل العلاج الطبيعي، والعلاج النطقي، والعلاج الوظيفي والإرشاد الأسري والبرامج التربوية الفردية والتقييم التربوي النفسي تحت خطة إشراف طبي مستمر من اجل تطوير مهارات الطفل أو تقدم تلك الخدمات في منازل الأطفال بهدف تدريب الأمهات على وسائل العناية بالطفل المعوق من خلال متخصصات في الإرشاد الأسري مؤهلات لهذا الغرض تزرن المنازل أسبوعيا. وقبل ان يحقق البرنامج سمعته الإعلامية الملموسة كانت حالات التدخل المبكر يتم إحالتها أساسا من قبل طبيب مختص في فروع الطب وتجرى اختبارات كشفية سريعة عليهم لتعيين أوجه الإعاقة العقلية أو الحركية أو السلوكية من خلال الاختبارات والقياسات المتوفرة بالمركز بعدها يتم اتخاذ قرار العلاج والتدخل المناسب، وبعد ما تحقق للبرنامج الاستجابة لدى الأسر صارت تلك الأسر التي تعاني من ولادة طفل معوق هي الأسرع مبادرة لاستشارة خدمات المركز.
أهمية التدخل المبكر
تكمن أهمية التدخل المبكر في الطفولة الأولى ما قبل سن المدرسة في أن تنمية المهارات المركبة لتوجيه الجسم والجلوس والوقوف والمشي والجري والتوازن إلى جانب نمو المهارات اللفظية والكلام والتحكم بالبول وعادات الطعام المقبولة تعتبر ذات أهمية قصوى في مساندة الطفل على التكيف مع البيئة بالإضافة إلى تطوير قدراته العقلية واللغوية والاجتماعية.
ولقد أثبتت البحوث العلمية مما لا يدع مجالا للشك ان برامج التدخل المبكر تغير سلوك الأطفال وهذا التغير في السلوك قد يتمثل بزيادة مستوى استقلالية الطفل وتحسن قدرته على العناية بذاته، واكتسابه أنماطا سلوكية جديدة لم يكن قادرا على تأديتها، وتطور معدلات النمو لديه سواء من الناحية المعرفية أو اللغوية أو الحركية أو الاجتماعية - الانفعالية.
وهذه الحقيقة جعلت بعض الرواد في ميدان التربية الخاصة يؤكدون على ان التدخل المبكر يحسن السلوك ويعتقدون ان معظم حالات الإعاقة ما كان لها ان تحدث لو أن الأطفال لم يتعرضوا لظروف بيئية سيئة. فالدراسات تبين ان سلوك الأطفال الذين يعيشون في بيئة محرومة أو مضطربة يتحسن بشكل ملحوظ عندما يوضعون في ظروف بيئية أفضل.
كما ترتبط أهمية التدخل المبكر بحقائق هامة هي :
o ان التدخل المبكر هو وقاية من تطور الإعاقات عن طريق تطوير وتدعيم النمو.
o ان التدخل المبكر يتم في مرحلة نمو حرجة وحساسة يكون التعلم فيها أسرع وأسهل من أية مرحلة عمرية سابقة.
o أن التدخل المبكر يضمن جدوى اقتصادية لدى أسر المعوقين توفر أعباء مادية جسيمة كانت تتمثل في الإقامة الدائمة بمؤسسات الرعاية ويقول هايدن (1977) ان الجدوى الاقتصادية لبرامج التدخل أفضل بكثير من التدخل المبكر.
دور التدخل المبكر في الحد أو التخفيف من الإعاقة
لقد بينت البحوث العلمية ان التدخل المبكر يساعد الأطفال فهو يخفف تأثيرات حالة الإعاقة وهو يحقق ذلك أسرع من التدخل المتأخر. ولكن مثل هذا الدور ومدى تأثيره يتوقف على عدة عوامل منها ما يلي :
o تاريخ الكشف المبكر للإعاقة.
o عمر الطفل المعوق وقت التحاقه بالمركز.
o طبيعة الإعاقة التي يعاني منها.
o الخدمات التي قدمت له وكفاءة القائمين على تنفيذها.
o مشاركة الوالدين والأسرة في تنفيذ البرنامج.
وقد وجد الباحثان بينيه وجورالنك (1991) ان الغالبية الساحقة للأطفال الذين قدمت لهم خدمات التدخل المبكر في مرحله ما قبل المدرسة حققوا تحسنا دائما حال دون إعادتهم للصفوف الخاصة أو التحاقهم ببرامج التربية الخاصة مستقبلا وترك تأثيرات لم تتبدد على تحصيلهم واتجاهاتهم وقيمهم.
وفي تحليلهما للنتائج التي توصلت إليها البحوث العلمية التي حاولت التحقق من فاعلية التدخل المبكر (Analysis of Effectiveness)، ارتأيا تصنيف برامج التدخل إلى ثلاث فئات رئيسية وهي :
( أ ) فئة البرامج الوقائية الموجهة نحو الأطفال الذين هم عرضة للخطر لأسباب بيئية.
(ب) فئة البرامج الوقائية الموجهة نحو الأطفال الذين هم عرضة للخطر لأسباب بيولوجية.
(ج) فئة البرامج العلاجية - التصحيحية الموجهة نحو الأطفال المتأخرين نمائيا أو المعوقين.
تعريف خدمات التدخل المبكر
تعرف خدمات التدخل المبكر بأنها (خدمات تربوية وصحية واجتماعية تترك أثرا على الأطفال وأسرهم في وقت الأزمات التي تحيط بميلاد أو اكتشاف طفل مختلف قليلا أو كثيرا وسواء تضمن الاختلاف الضعف الطبي أو حالة إعاقة معروفة أو الانتماء إلى مجموعة عرضة للخطر مثل الأطفال الخدج (Rematare Babies).
والتدخل المبكر وجد من أجل رعاية هذه الفئات المتنوعة من الأطفال الذين هم في السنوات الست الأولى من أعمارهم. وبرامج التدخل المبكر تقدم خدمات لا توفرها الحضانات ورياض الأطفال العادية. وغالبا ما تشمل هذه الخدمات :
o التقييم الطبي والتربوي - النفسي الشامل.
o تصميم برامج تربوية فردية خاصة.
o تقديم خدمات العلاج الطبيعي والوظيفي والنطقي.
o إرشاد أسرة الطفل والعمل معها بشكل متواصل.
o تعديل الأساليب والأدوات التعليمية لتصبح ملائمة لخصائص الطفل وقدراته وغير ذلك من الاعتبارات التربوية والعلاجية الفريدة.
والتدخل المبكر يوصف عادة بأنه (تربية خاصة مبكرة) وفي السنوات الخمس الأولى من العمر يتعلم الطفل معظم المهارات اللغوية والإدراكية والاجتماعية التي تعد أساس وضع النمو في المستقبل.
وفي الآونة الأخيرة أصبح مفهوم التدخل المبكر أكثر شمولية وأوسع نطاقا حيث أنه لم يعد يقتصر على الأطفال الرضع الذين يعانون إعاقة واضحة ولكنه أصبح يستهدف جميع فئات الأطفال المعرضة للخطر لأسباب بيولوجية أو بيئية.
فالتعريف المتداول حاليا للتدخل المبكر هو (أنه توفير الخدمات التربوية والخدمات المساندة للأطفال المعوقين أو المعرضين لخطر الإعاقة الذين هم دون الثالثة من أعمارهم ولأسرهم أيضا).
والتدخل المبكر يشير إلى جملة من العمليات والأنشطة المعقدة والديناميكية متعددة الأوجه وتبعا لذلك يتصف ميدان التدخل المبكر بكونه ميدانا متعدد التخصصات كذلك فهو ميدان يتمركز حول الأسرة حيث أنه يزودها بالإرشاد والتدريب ويوكل إليها دورا رئيسا في تنفيذ الإجراءات العلاجية فبرامج التدخل الناجحة لا تعالج الأطفال كأفراد معزولين ولكنها تؤكد على ان الطفل لا يمكن فهمه جيدا بمعزل عن الظروف الأسرية والاجتماعية التي يعيش فيها.
أساليب التدخل المبكر
وتشمل أساليب التدخل المبكر ما يلي :
أولا : فريق التدخل المبكر Early Intervnation Team
يعتبر حجر الزاوية في نشاط مراكز التدخل المبكر هو إعداد الكوادر الناجحة التي تتمتع بالخبرة التي تضمن فاعلية البرامج المنفذة فإذا اجتمعت تلك الرعاية الناجحة مع مشاركة الأسرة تقترب البرامج بذلك من تحقيق أهدافها ..
المواصفات المطلوبة في إعداد فريق التدخل المبكر :
1- تعدد الاختصاصات مثل العلاج الطبيعي والعلاج الوظيفي والعلاج النطقي والأطباء.
2- العمل بروح الفريق الواحد فرعاية الطفل المعوق تتطلب عملية مستمرة من التواصل والتعاون المشترك بين كل من له علاقة بالرعاية.
3- ان يتمتع أفراد الفريق بالمرونة والروح العلمية وسرعة التفكير.
4- توافر التدريب المستمر من أجل تطوير قدرات المعلمين في هذا المجال.
ويشمل الفريق التخصصات التالية :
أخصائية التربية الخاصة - أخصائية العلاج النطقي - أخصائية العلاج الطبيعي - أخصائية العلاج الوظيفي - الأخصائية الاجتماعية - الأخصائية النفسية - أخصائي القياس السمعي - الأطباء - الزائرة الأسرية - أخصائية العلاج الترويحي - مساعدة المربية.
ثانياً : الخطوات الإجرائية لتقديم الخدمات في مراكز التدخل
وفقا للبرنامج الموضوع فهناك خطوات منظمة ذات تسلسل تحدد مدى حاجة الطفل للخدمات وطبيعة تلك الخدمات والتي يتم بناء عليها تصميم البرنامج التربوي للطفل والإجراءات الواجبة لتقديم خدمات التدخل تتم وفقا للترتيب التالي :
الإجراء الأول : التحويل
يتم قبول الحالات التي لا تزيد أعمارها عن ست سنوات ولكن لديهم حاجات مختلفة مع اعتبار ان كل طفل يختلف عن الآخر كما يلي :
o طفل لديه إعاقة محددة واضحة مثل الشلل الدماغي أو متلازمة داون أو صغر حجم الجمجمة.
o طفل لديه إعاقة غير ظاهرة.
o طفل ليس لديه إعاقة ولكن لديه تأخر النمو الحركي أو اللغوي.
o طفل يمر بظروف صحية أو بيئية تجعله معرضا للإعاقة وننوه هنا إلى أهمية التبكير في التحويل والإجراءات التي تقوم بها إدارات الرعاية الصحية الأولية في التبليغ عن الإعاقة (Notitication foom).
الإجراء الثاني : الكشف المبكر Early Identification
غالبا ما يمضي وقت طويل حتى تتم إحالة الحالة المعاقة إلى مراكز التدخل وعليه فإن المتعارف عليه ان الكشف المبكر هو جزء من عملية التدخل وليس كوسيلة للتعرف والقياس وذلك كما أوضح ميزلز، وتتبع مراكز التدخل أسلوبا في الكشف المبكر يعتمد على تصنيف الأطفال إلى فئتين رئيستين هما :
1. الفئة الأولى: أطفال ذوو إعاقة واضحة ومثبتة.
2. الفئة الثانية : الأطفال المعرضون لخطر الإعاقة.
الإجراء الثالث : عملية التشخيص : Diagnosis
هي مجموعة إجراءات يقوم بها فريق بالمركز متعدد التخصصات من أطباء وتربية خاصة وعلم نفس وإرشاد وأمراض الكلام وعلاج طبيعي وعلاج وظيفي وهذه إجراءات تهدف إلى تأكيد وجود حالة إعاقة لدى الطفل الذي تم التعرف عليه في عملية الكشف المبكر. ويعتمد التشخيص السليم للإعاقة على أمور ثلاثة :
أولاً : مراجعة التشخيص تمكن من تقديم خدمات صحية مناسبة.
ثانياً : التشخيص الدقيق يعطي معلومات أوضح لحالة المعوق ويوضح الصورة لأسرته والتوقعات المحتملة للحالة وتطوراتها.
ثالثاً : التشخيص الدقيق أمر جوهري يمكن من خلاله التعرف على الأسباب الوراثية المتعلقة بالحالة ومن ثم يمكن مناقشتها مع كل من الوالدين.
الإجراء الرابع : عملية التقييم
من المهم دراسة جميع المعلومات المتوافرة عن الأطفال والخاصة بنموهم الجسمي والاجتماعي والعقلي واللغوي والعناية بالذات للأهداف التالية :
1- الوقوف على طبيعة ومدى حاجة الطفل إلى برنامج التدخل المبكر.
2- وضع البرنامج التربوي - العلاجي للطفل.
3- تقييم فاعلية البرنامج المقدم له.
وتتلخص أشكال التقييم فيما يلي :
أ ) الملاحظة: مراقبة الطفل حول تكرار السلوك أو مدة حدوثه أو شدته.
ب) المقابلة : للتعرف على الطفل وأسرته ومشاعر الوالدين.
ج) دراسة الحالة: بعد إجراء المقابلات السابقة وتحليل الملفات والتقارير.
د) الاختبارات : تضم نوعين رئيسين :
1) اختبارات رسمية (معيارية المرجع) تطبق في ظروف معينة وتستخدم لمقارنة أداء الطفل بأقرانه من نفس العمر الزمني.
2) اختبارات محكية المرجع تهدف إلى تحديد مدى إتقان الطفل لمهارات معينة.
الإجراء الخامس : الإلحاق به بمركز التدخل المبكر
تعد بداية الالتحاق بالمركز فترة انتقالية صعبة للآباء والأمهات وهذه الفترة تتطلب ما يلي :
1- بذل الجهد للتعرف على النظام التربوي الجديد والحقوق والواجبات والتربية الخاصة والخدمات المساندة التي يقدمها المركز بعد انتقال الطفل إلى المركز.
2- بناء علاقة مع معلمة الطفل.
3- المساهمة في تنفيذ الأنشطة المخصصة للآباء وعلى المعلمة ان تفهم وتحترم هموم ومخاوف الآباء وعليها ان تفهم طبيعة إعاقة طفلهم وبرنامجه التربوي.
4- إعطاء الفرصة للأولياء الأمور للمشاركة في برامج التدخل المبكر ليطلعوا على أي تقدم يحرزه الطفل.
5- تطلع المعلمة على التقارير الطبية والنماذج التي قام الوالدان بتعبئتها.
6- تشجيع الوالدين على الحضور للمركز برفقة طفلهما أثناء مرحلة التكيف الأولى.
7- قد يكتفي بإجراء اتصالات هاتفية يومية بشكل دوري أو القيام بزيارات منزلية أو إرسال رسائل أسبوعية أو شبه أسبوعية للأسر.
8- حث الوالدين على زيارة غرفة الصف أثناء الدوام مما يسهم في فتح قنوات التواصل وقد يرغب البعض في القيام ببعض الأعمال التطوعية.
9- تشكيل مجموعة من الآباء ليتم التعارف وليطلع أولياء الأمور على القضايا المحلية ذات التأثير على الخدمات المقدمة للأطفال المعوقين ولتبادل الخبرات والتعرف على الآباء الآخرين الذين اجتازوا المرحلة الانتقالية بنجاح وتوفير الدعم المتبادل.
الإجراء السادس : البرنامج التربوي الفردي
البرنامج التربوي الفردي أو الخطة التعليمية الفردية وثيقة مكتوبة تبين مستوى الأداء الحالي للطفل في جوانب النمو التالية :
أ ) النمو الجسمي (بما في ذلك الوضع الصحي العام والوضع السمعي والبصري) والنمو الحركي الكبير (الجلوس، والوقوف، المشي، التوازن .. الخ) والنمو الحركي الدقيق (التآزر البصري - اليدوي، حركة الأصباع .. الخ).
ب) النمو العقلي (القدرات الإدراكية العامة والقدرة على التعلم والتفكير والتذكر وحل المشكلات والانتباه .. الخ).
ج) النمو اللغوي (القدرة على استخدام واستيعاب الأصوات والكلمات والإيماءات).
د) النمو الاجتماعي - الانفعالي (أنماط التفاعل مع الأطفال والراشدين والخصائص السلوكية العامة مثل الانسحاب، العدوان، الخجل، مفهوم الذات ..الخ).
هـ) النمو الشخصي التكيفي (القدرة على العناية بالذات من حيث تناول الطعام وارتداء الملابس واستخدام الحمام والنظافة الشخصية).
كذلك يوضح البرنامج التربوي الفردي الأهداف السنوية (طويلة المدى) والأهداف السلوكية (قصيرة المدى) للطفل والأساليب التي سيتم استخدامها لتحقيق تلك الأهداف ومعايرة النجاح والمدة الزمنية التي يتوقع ان يستغرقها تنفيذ البرنامج.
الإجراء السابع : خطة العمل في المركز ( تنفيذ الإجراءات التعليمية)
بعد إعداد البرنامج التربوي الفردي يعمل الأخصائيون على تقسيم الأطفال إلى مجموعات تعليمية صغيرة نسبيا وذلك حسب عمرهم الزمني وحاجاتهم الخاصة وقدراتهم التعليمية ويتم تدريب وتعليم كل مجموعة في غرفة صف تديرها مربية تحمل شهادة علمية في تخصص التربية الخاصة. وهناك جدول زمني للنشاطات اليومية في غرفة الصف يحدد مواعيد تدريب الأطفال على المهارات المعرفية، واللغوية، والعناية الذاتية، والحركية، والاجتماعية، ومواعيد الاستراحة وتناول وجبة طعام خفيفة ... إلخ.
وبناء على حاجات الطفل الخاصة يكون الأخصائيون قد اعتمدوا خطة محددة لتقديم الخدمات للطفل خارج غرفة الصف أيضا فهو قد يذهب إلى غرفة العلاج الطبيعي على فترات محددة وكذلك الأمر بالنسبة للعلاج النطقي والعلاج الوظيفي وما إلى ذلك من خدمات.
مصير التدخل المبكر : الاحتمالات المرجحة.
1- الالتحاق بمدرسة عادية : ونتيجته قد تكون مشجعة لو كانت الأسرة ملتزمة بالتعاون في البرنامج المعد للطفل ولو كانت إعاقة الطفل أقل شدة والتدخل كان مبكرا فان الفرصة مهيأة للطفل للالتحاق بمدرسة عادية.
2- الالتحاق بمدرسة خاصة للمعوقين : أما إذا كانت الإعاقة شديدة وكان التدخل متأخراً وليس مبكرا وجزئياً وليس كليا فان احتمالات التحاق الطفل بمدرسة خاصة أو بمركز خاص للأطفال المعوقين واردة.
أمثلة للتجارب العربية في مجال التدخل المبكر
أ . تجربة دولة الإمارات العربية المتحدة للتدخل المبكر
افتتح مركز التدخل المبكر بمدينة الشارقة للخدمات الإنسانية Early Intervention Center Sharjah City for Humanitarian Services في 26/11/1994 برعاية الشيخ سلطان بن محمد القاسمي حاكم الشارقة وبصحبة الأمير طلال بن عبد العزيز رئيس مجلس العربي للطفولة كتعاون مشترك بين مدينة الشارقة للخدمات الإنسانية وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي.
أهداف تجربة منهاج الشارقة للتدخل المبكر :
يمن تلخيص هذه الأهداف في النقاط الآتية :
1- توفير دليل تعليمي عملي يتضمن أهدافا وظيفية قابلة للقياس يمكن الإفادة منها في تطوير برامج تربوية فردية للأطفال المعوقين الذين تتراوح أعمارهم الزمنية من الولادة إلى السادسة.
2- تزويد أخصائيي التدخل المبكر بأداء تقييم مفيدة يمكن توظيفها لتحديد مستوى الأداء الحالي لدى كل طفل على حدة واكتشاف جوانب الضعف وجوانب القوة في أدائه.
3- توفير دليل عملي لتدريب العاملين في مراكز التدخل المبكر وآباء وأمهات الأطفال المعوقين الصغار في السن.
4- تزويد كل من الأخصائيين والآباء بمعلومات مفيدة عن الخصائص النمائية الحركية والعقلية والحسية واللغوية والاجتماعية في مرحلة الطفولة المبكرة فذلك من شأنه ان يساعد في دمج عمليات التقويم والتشخيص والتعليم والعلاج.
طبيعية الخدمات التي تقدمها التجربة :
يقدم مركز التدخل المبكر بالشارقة خدمات متنوعة للأطفال المعوقين وأسرهم، وعلى وجه التحديد يقوم المركز بتقديم خدمات التقييم التربوي - النفسي، والبرامج التعليمية الفردية الصحيحة أو التعويض والبرامج الطبيعية والوظيفية والنطقية.
والواقع ان هذا المركز يوفر للأطفال إشرافا طبيا متعدد التخصصات حسب الحاجة، كما أنه يزود الأسر بالبرامج التدريبية والخدمات الإرشادية والمعلومات التثقيفية وهذه البرامج تقدم وفقا لخطة معتمدة ... ويعمل المركز على توفير الخدمات التربوية الخاصة لبعض الأطفال في منازلهم حيث تقوم أخصائيات بزيارة المنازل وتدريب الأمهات.
إضافة إلى ذلك فإن المركز يقوم بدور علمي متميز على صعيد التدريب أثناء الخدمة للكوادر الفنية العاملة في ميدان التربية الخاصة محليا وإقليميا وينفذ دراسات وبحوثا ميدانية فيما يتعلق بالأطفال المعوقين الصغار في السن علاوة على ذلك فإن المركز يوفر الفرص التدريبية الميدانية للطلبة، كما يعمل المركز على تطوير الاختبارات والمقاييس الكشفية والتشخيصية. ويتميز هذا المركز بأنه يقوم بتوفير المعلومات ونشرها مما يساعد في الجهد الوطني المبذول للوقاية من الإعاقة.
فئات الأطفال المستفيدة من خدمات المركز :
يقدم المركز خدماته للأطفال المواطنين والمقيمين دون الخامسة من العمر الذين لديهم إعاقة عقلية أو سمعية أو بصرية أو لغوية أو جسمية أو سلوكية والأطفال الذين لديهم القابلية للمعاناة من حالة إعاقة لأسباب طبية عضوية أو لأسباب بيئية.
ويلخص نشاط المركز فيما يلي :
1- يقوم المركز باستقبال حالات الإعاقة من الأطفال من سن الولادة وحتى خمس سنوات من خلال برنامج يتضمن خدمات عناصر وقائية متنوعة مثل العلاج الطبيعي والعلاج الوظيفي والعلاج النطقي والإرشاد الأسري والتقييم التربوي - النفسي والبرامج التربوية الفردية والإشراف الطبي والتمريضي.
2- ويعمل في المركز أخصائيون في كل من التخصصات المذكورة سابقا.. ويتم تحويل الحالات إلى برنامج التدخل المبكر من قبل طبيب الأطفال أو الأعصاب أو العيون أو الأنف أو الأذن والحنجرة وبعد إحالتهم تطبق على الأطفال اختبارات العقلية والحركية والسلوكية فإذا كانت النتائج غير مطمئنة يُجرى للطفل تقييم شمولي متعدد الأوجه باستخدام اختبارات تشخيصية متنوعة وفي ضوء النتائج يتم اتخاذ القرارات المناسبة.
3- تقوم لجنة التقييم المكونة من ثلاثة أعضاء :
o خبير الأمم المتحدة.
o مشرف البرامج التعليمية.
o مشرف الإرشاد الأسري.
تقوم بدراسة الحالة وتقييمها في وجود الحالة ومقابلة الأسرة بموعد يحد وتقرير ما إذا كانت الأسرة تحتاج إلى إرشاد أو خدمات معينة، وتقرير حاجة الحالة للعرض على طبيب في محاولة لإعطاء الأسرة الحلول المناسبة الباعثة للاطمئنان في بدء التحاق الطفل بالمركز.
4- تتم إجراءات فتح ملف خاص بالطفل ومن ثم يتم إحالته إلى الأخصائي النفسي لتحديد نسبة نمو الذكاء وفقا (لمقياس الشارقة للتدخل المبكر) الذي صممه الدكتور يوسف القريوطي ويعمل خبيرا في منظمة العمل الدولية.. وهذا المقياس يصلح فقط لحالات التدخل المبكر من عمر الولادة وحتى خمس سنوات.
5- بعد إجراء الاختبارات تقوم اللجنة بتحديد مدى احتياج الطفل للخدمات المتوفرة بالمركز مثل :
o علاج تعليمي في الفصول: معظم حالاته من المتخلفين عقليا.
o علاج للنطق ويقدم لأطفال المركز.
o الإرشاد الأسري: للحالات المنتظمة بالمركز أو انتقال المدربة للمنزل بموعد سابق للحالات الموجودة بالمنزل عمر ثلاثة أشهر إلى سبعة أشهر أو حالة إعاقة شديدة (برنامج بورتيج).
وقد امتد نشاط المركز إلى دول الخليج الأخرى وعلى سبيل المثال يقدم خدماته لست حالات في دولة عمان.
6- يقدم للأطفال بالفصول منهج خاص وهو منهج الشارقة للتدخل المبكر الذي يوفر 6 مهارات كالحركية واللغوية والذي يراعي الفروق الفردية بين طفل وآخر ويتم تحديد برنامج لكل طفل مختلف عن الآخر بواسطة فريق العمل المتكامل المتكون من الطبيب والأخصائي النفسي والمعلمة ومساعدة المعلمة. ويتم تقييم للبرنامج كل ثلاثة اشهر وتحديد جوانب الضعف ومدى تعلم الطفل للمهارات بعد ثمانية اشهر.
7- يتم مناقشة البرنامج مع ولي أمر الطفل ويشترط وجود الأم والأب للمشاركة وشرح البرنامج وطرق التعليم عن طريق اللعب والوسائل المساعدة ويتم تنظيم رحلات شهرية ونشاطات أخرى تنمي روح الاستقلال في الطفل والاعتماد على نفسه في الأكل وتنظيم رحلات خارجية للمطاعم بالخارج وتعليمهم طريقة الأكل.
8- ويتوفر العلاج الطبيعي بالمركز للحالات التي تقررها اللجنة.
9- وتتوفر في المركز وحدة قياس سمعية لمتابعة ضعاف السمع ومرضى الصمم ... وتنفيذ السماعات التي يحتاجونها.
10- وبالمركز عيادة طبية يشرف عليها طبيب من الرعاية الصحية الأولية ورعاية الأمومة والطفولة (MCH).
ب. التجربة التونسية في مكافحة الصمم
يعد الكشف المبكر عن الصمم إجراء فعالا في حياة الطفل الأصم على جميع المستويات العائلية والمدرسية والاجتماعية والطبية وتعد تجربة الجمهورية التونسية في مكافحة الصمم والكشف المبكر عنه تجربة ناجحة ... فقد تم التعاون بين قسم التوليد وطب الوليد بالمستشفى الجامعي الهادي شاكر بصفاقس، والجمعية التونسية لمساعدة الصم بصفاقس، وإعداد وحدة للكشف المبكر عن الصمم تعمل يوميا برسم نتائج امتحانها لسمع الوليد على دفتر الصحة، ثم تقوم بأعداد قائمة بالأطفال الذين تثبت إعاقتهم السمعية بعد الفحوص الموقعة بقسم الأنف والأذن.
وبهذه الطريقة تم الإلمام بأغلب الأطفال المعوقين سمعيا منذ حداثة سنهم لكن الأطفال الذين يولدون بالمصحات الخاصة لا يوقع عليهم هذا الكشف.
ويهدف هذا البرنامج عن طريق التدخل المبكر إلى الوصول بالطفل الأصم إلى سن الدراسة في سن تقارب سن الطفل السوي عقليا ليتمكن من استيعاب المعلومات والبرامج المعدة له وتتيح له فرصة الاندماج العائلي المدرسي الاجتماعي.
وقد أثبتت التجربة والنتائج المسجلة ان التلاميذ الذين احتضنتهم الجمعية منذ حداثة سنهم نجحوا في دراستهم واندمجوا اندماجا كليا في التعليم الابتدائي والثانوي.
ويبين التقرير الذي أعدته الجمعية ان (الكشف هو البحث الدوري المدقق في مجموعة من البشر عن احتمال وجود مرض أو إعاقة ويكون مبكرا إذا ما قمنا به في زمن سابق للتأثيرات السلبية للمرض أو الإعاقة على حياة الإنسان وقابلية إدماجه في المحيط) ولهذا فيجب علينا القيام بالكشف المبكر عن الصمم في الساعات الأولى من حياة الطفل حتى نتمكن من تقييم نوعية ودرجة الإعاقة السمعية والقيام بما يجب وبدون تأخير في تربية خاصة وتجهيز مبكر لتفادي أو التقليل من التأثيرات السلبية على حياة الطفل.
لماذا يكون الكشف المبكر عن الصمم عند الولادة :
أ ) المكان المناسب :
إن مصلحة الولادة هي المكان المناسب جدا للقيام بهذا الكشف المبكر وذلك لوجود مجموعة من الأطفال الحديثي الولادة في مكان واحد ويتمتعون بمعطيات متشابهة وهكذا فإنه يمكننا بهذا الاختبار الطبي القيام بإحصائيات تساعدنا على تلافي الإعاقة أو الأمراض مستقبلا.
ب) الفائدة الطبية :
ان البحث عن الصمم عند الطفل حديث الولادة يسمح في الوقت نفسه باكتشاف بعض أعراض أمراض أخرى يمكننا مداواتها في الوقت المناسب.
ج) الناحية الاجتماعية :
إن للإعاقة السمعية تأثيرات سلبية على حياة الطفل يمكن تذليلها والتغلب عليها بالقيام بتربية مبكرة وتجهيز مبكر مع إعاقة وتوجيه الأولياء لاتخاذ موقف إيجابي إزاء ابنهم وهكذا فإن الطفل الأصم يمكنه الاندماج الكلي في محيطه العائلي والمدرسي والاجتماعي بسهولة إذا ما توفرت له الظروف المناسبة التي سبق ذكرها.
إن سمع الطفل الحديث الولادة يمكن اختباره بأدوات تحديث أصواتا مثل :
o لعب تحدث أصواتاً.
o الصوت البشري.
o مولد للأصوات.
ويتم استعمال آلة الفايت بيزقاي أو البيبي متر.
المصدر - موقع شبكة ألم الامارات